هذا خطاب أردت أن أوجهه إلى إخواني المغتربين من النخبة المثقفة، والتي تملأ كتاباتها الصحف والمجلات التي تصدر هناك وعلى رأسها صحيفة "القدس العربي" الغراء.
ما يمكن ملاحظته بادئ ذي بدء أن هذه النخبة المحترمة تعالج في جلها قضايا نظرية لا تمت بكبير صلة إلى واقع المواطن العربي، ذاك المواطن المسحوق في بلده والذي يعاني من الذل ألوانا، ومن الاضطهاد أصنافا بل يقتل في اليوم الواحد ألف مرّة، فهل يعتقد هؤلاء المغتربون المساكين أنهم بتلك المقالات والكتابات المنددة بالسلطان في ديارهم التي هربوا منها سيحلون مشكلات وطنهم ويخلصونه من الذل والمهانة والتخلف الحضاري والاستبداد الاجتماعي؟! وهل يعتقدون حقا أنهم سيحررون أوطانهم بمقالات نارية متشنجة تتوهم الثورة والتغيير؟! إن هؤلاء يعتبرون نكرة بالنسبة إلى أوطانهم فهل يحسبون الناس يتأثرون بنكرة تفتقد إلى رؤى واضحة في مجمل مشكلات أوطانهم! وهل يعقل أن يقدر على التغيير من عجز عن تغيير نفسه؟! إن البداهة تقول "فاقد الشيء لا يعطيه".
لقد فكر هؤلاء "المغتربون" في مصالحهم الخاصة لما هربوا من أوطانهم وتركوها لقمة سائغة في أياد غير أمينة تتعيش على بيع الأوطان وإذلال الإنسان وسحقه إذ لو صدق هؤلاء المغتربون الهاربون لبقوا في أوطانهم يجاهدون بأموالهم وأنفسهم وفكرهم في سبيل تحرير الإنسان العربي من الذل والعبودية وتقديم القدوة في النضال والصمود ولتعاونوا مع أشراف هذه الأمة من مثقفين وحكام ومسؤولين لرفعة وطنهم وتقدمه وازدهاره. ان هروب هؤلاء يجعلهم عرضة للنقمة والكراهية من قبل أحرار هذه الأمة وكل الفئات المسحوقة والمحرومة في هذا الوطن العزيز، لأنهم فكروا في الخلاص الفردي ولم يفكروا حقيقة في خلاص وطنهم وشعبهم.
ولعل المبكي المضحك في حالة هؤلاء الفارين التجاءهم إلى بلدان غربية كبريطانيا وأمريكا ساهمت ولا تزال تساهم –وهم يعلمون ذلك جيدا- في الإبقاء على الأنظمة التي يزعمون أنهم يحاربونها ويلقون عليها اللوم لتكريسها التخلف والاضطهاد! بل أن بريطانيا هي التي مكنت للصهيونية العالمية من إحتلال فلسطين وتشريد أهلها... وأمريكا نفسها أصبحت متصهينة أكثر من الصهاينة أنفسهم بما تقدمه لهم من دعم لإذلال العرب فاق كل التصورات.. فهل يعقل بعد ذلك أن نصدق هؤلاء الفارين إلى بلاد الغرب أنهم يناضلون ضد الصهيونية وضد التخلف والاستبداد؟!
وختاما أنصح هؤلاء بالرجوع إلى أوطانهم فالموت في الوطن أكرم لهم من التسكع في شوارع الغرب وحاناته!
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire